[158]: قال صاحب الاشراق: «اذا لم تکن لفصول الجواهر جوهریة فی ذاتها بل تکون جوهرا بجوهریة الجنس، فهى فی ذاتها اذا لم تکن جواهر کانت اعراضا».
و نقول- کما اشرنا الیه سابقا-: ان معنى کون فصل الجوهر لیس بجوهر ان الجوهریة غیر داخلة فی حده، و عدم دخول معنى فی حد الشىء لا یستلزم اتصافه بما ینافیه، و الّا لکانت الاعراض جواهر، لان مفهوم العرض غیر داخلة فی حد شئ من الاعراض، لانه عرض عام لجمیع المقولات العرضیة. و الحل فی الموضعین: ان الواقع اوسع من مرتبة الواقع، فربما تخلو المرتبة من النقیضین و لا یخلو الواقع منهما.
[159]: و اعلم ان الصور النوعیة لما کانت عین حقایق الفصول الجوهریة فهى لیست بجواهر فی ذواتها اعراض «3»، لان حقایقها بسیطة وجودیة تلزمها الجوهریة، کما تلزم الاعراض العرضیة، فلیست هى حدود، و انها «4» جواهر «5» و لا اعراضا.
[160]: قول بعض الحکماء: «ان نفوس البله و الضعفاء تنتقل الى عالم الافلاک، و یصیر بعض الاجرام الفلکیة موضوعا لتخیلاته» لیس بصحیح و ان کان قد استحسنه الشیخ الرئیس، و قال «انه کلام من لا یجازف فی الکلام»؛ و قال المحقق الطوسى: «ان المراد منه الفارابى»؛ و ذلک انها ان کانت ستصیر نفسا لها فیلزم منه محالات: احدها: التناسخ. و ثانیها: کون الجرم الا بداعى موضوعا لتصرف امر [الف- 26] مباین لنفسه. و ثالثها: حرکته حرکة مخالفة لحرکته البسیطة الدائمة، اذ الادراکات الجزئیة و الانتقالات الخیالیة «6» لا تخلو عن حرکة آلة الادراک «7»، و ان لم- تصر نفسا فاى علاقة یکون لها؟ و العلاقة اما «8» نفسانیة و اما بدنیة بمشارکة اوضاع
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 324
البدن، فالنفس لا تقع لها نسبة الى غیر بدنها الّا بواسطة نسبة وضعیة لبدنها الى غیر بدنها، فلو کان بعض تلک الاجرام بمنزلة مرآة تشاهد النفس فیها مثل المحسوسات، فان کان آلة طبیعیة للنفس کالدماغ فلا بد ان تتصرف النفس فیها کما تتصرف فی الروح الدماغى، و قد علمت استحالته بوجوه ذکرناها؛ و ان کانت آلة خارجیة کالمرائى المتخذة «1» من الاجسام الصقیلة مثل الزجاج و الحدید و الماء الصافى «2» فلا بد من آلة طبیعیة قبلها تکون لها نسبة وضعیة الیها حتى تشاهد النفس ما ینعکس من الصور فی المرآة الخارجیة «3» الى المرآة الداخلیة «4»، فتعود مفسدة التناسخ.
[161]: اعتقادنا ان السماء فی النشأة الاخرى تزول عنها هذه الاوضاع و تقف عن الحرکات و تنفکّ عنها «5» الهیئات و الاشکال، و الکواکب تسقط منها و تهبط و تصیر بلا انوار و تلتهب نارا، فیصیر متصلا بعضها ببعض حتى یکون کالدائرة حول الارض، و انما یهبط منها ما کان نارا محضة، و یصعد منها ما کان نورا محضا، فتبقى النفوس الشریرة الدنسة «6» الخبیثة «7» حول جهنم حیث احاطت بهم خطیئاتهم، و احترقت بالنار الى الابد فی عقاب السرمد، و تصعد النفوس الشریفة الخالصة النقیة الى عالم النور [ب- 26] و الحسن و البهاء، و غشیهم انوار الملکوت فی ثواب السرمد، و هناک الصور الحسان «8» و اللذات المتوافرة فی الجنان و مجاورة الرحمن.
[162]: لو لم تکن الطبیعة امرا سیّالا متجدد الذات لم یمکن «9» صدور الحرکة عنها، لا ستحالة صدور المتغیر عن الثابت، و کذا حال القابل لها کالجسم. و اما ما فی المشهور من ان الطبیعة لا تقتضى الحرکة ما لم یلحقها امر غریب عن ذاتها، مثل الخروج عن مکانها الطبیعى، فبحسب درجات القرب و البعد فی الحدود الواقعة فی اجزاء المسافة تنبعث منها اجزاء الحرکة، و بحسب جزئیات الحرکة تنبعث منها درجات القرب و البعد و هکذا، فلیس ببالغ «10» حد الاجداء، و لا یقع للبصیر المحدق به
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 325
الاکتفاء. فالحرکة «1» بمنزلة شخص روحه الطبیعة، کما ان الزمان بمنزلة شخص روحه الدهر، و الطبیعة بالنسبة الى النفس کالشعاع من الشمس.
[163]: الفاعل المباشر لجمیع الحرکات هى الطبیعة، اما الحرکة الطبیعیة «2» فلیس فیها کلام، و اما القسریة ففاعلها طبیعة مقسورة مجبورة، و اما الارادیة ففاعلها طبیعة مسخرة مطیعة خادمة للنفس.
[164]: للنفس فی هذا العالم فی افاعیلها الجسمانیة طبیعتان مقهورتان تخدم احدیهما لها طوعا و الاخرى کرها، کطاعة السماء و الارض للبارى جلّ مجده، فان اتیان السماء له تعالى طوع و اتیان الارض له کره بوجه و طوع بوجه آخر، و لهذا قال: ائْتِیا طَوْعاً أَوْ کَرْهاً- ثم قال [الف- 27] قالَتا أَتَیْنا طائِعِینَ «3». فان مقتضى طبیعة الارض اولا الجمود و التسفل و التعصّى عن قبول الاستحالات و الانقلابات، ثم بعد قبول الاستعدادات و لحوق الصور و الکمالات صارت کالسماء قابلة لانوار المعرفة و الاهتداء. اما الطبیعة التى تخدم النفس طوعا فهى ما تفعل الافعال الطبیعیة فی البدن کالجذب و الدفع و الهضم و الاحالة و الالصاق و التمدد و القبض و غیر ذلک، و اما التى تخدمها کرها فهى التى یترکب منها البدن و تفعل بها الافاعیل الخارجة کالمشى و الکتابة و الصلاة و الطواف و غیر ذلک من الصنایع البدنیة.
[165]: الوجود عندنا کلّه نور، و الاشراقیون و حکماء الفرس وافقونا فی البارى و العقول و النفوس و الانوار العرضیة التى یدرکها البصر کنور الکواکب و السرج دون الطبائع و الاجسام، و لو لم تکن الطبیعة نورا فی اصلها لما وجدت بین النفس و بین الهیولى، فانها فائضة من النفس و تنبعث منها الهیولى، و هى اول ما ظهر من الظلام، فهو جوهر مظلم فیه ظهرت الاجسام الکثیفة و الشفافة، و کل ظلام فى العالم من جوهر الهباء الذى هو الهیولى، و بما هى فی اصلها من النور قبلت
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 326
جمیع الصور النوریة للمناسبة، فانتفت ظلمتها بنور صورها، فان الصورة اظهرتها، فنسبت «1» الظلمة الى الطبیعة فی اصطلاح العقلاء؛ و عندنا لیست کذلک.
ثم ان کل جسم نسبت الیه الظلمة اذا تلطف یصیر مستنیرا [ب- 27]، او لا ترى ان الحطب و هو جسم مظلم کما یترا أى، فاذا لطّفته مجاورة النار یصیر دخانا مشتعلا نیّرا. و ههنا سرّ آخر و هو ان حرکة الانماء فی النباتات ینتهى بها «2» الى تحصیل البذور و اللبوب التى فی الثمار، و الغایة فی البذر و اللب هو «8» الذى تحصله الطبیعة النباتیة. و الدهن بمجاورة النار التى فعلها التلطیف یصیر نیّرا. فعلم ان غایة فعل الطبیعة التى فی النبات هو «9» النور، کما ان الفاعل هو النور و هو الطبیعة کما مر. فاذا کانت غایة فعل الطبیعة و فاعله النور فما ظنک بغایة فعل الحیوان و فاعله، فالوجود کله نور، و الظلمة عدمیة.
[166]: ما ذکره صاحب الاشراق فی کتابه المسمى ب «المشارع» فى جواب من شکک فی تجرد النفس «3» بقول القائل: «دخلت و خرجت و جلست و قمت من الافاعیل التى تنسب الى الجسم» من انه اذا حققت الحقایق و قام البرهان على تجرد النفس، فالتمسک بهذه الالفاظ لا حاصل له؛ مراده ان هذه الاطلاقات اللفظیة مجازات فی النسبة؛ و عند العرفاء لیست کذلک بل کلها حقیقة لغویة، فان النفس من جهة الافاعیل مادیة، و بناء ما ذکره على الذهول عن حقیقة النفس و شؤونها.
[167]: قول الاسکندر الافرودیسى و غیره من الاقدمین بفناء النفوس الناقصة التى لم «4» تصر مدرکة للمعانى العقلیة و لم تکتسب کمالا علمیا عند فقدان البدن قوىّ، الّا ان مبناه على عدم الوقوف على نشأة اخرى متوسطة بین [الف- 28] نشأة العقلیات و نشأة الدنیا، و هى معاد النفوس المتوسطة بین «5» المجردات و بین الحیوانات اللحمیة «6»، فهى مع تجردها عن هذا البدن غیر متجردة عن التعلق بالابدان المعلقة، قتبقى بحیوانیتها فی دار الجزاء ابدا، فتثاب او تعاقب، و الیها وقعت الاشارة «7» بقوله
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 327
تعالى: وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِیَ الْحَیَوانُ لَوْ کانُوا یَعْلَمُونَ «1».
[168]: النفس من حیث هى نفس حقیقتها نار معنویة، و لهذا خلقت من نفخة الصور «2»، فاذا نفخ فی الصور المستعدة للاشتعال النفسانى تعلقت بها نار النفس، و النفس بعد استکمالها و ترقیها الى مرتبة الروح المنفوخ تصیر نارها نورا محضا لا ظلمة فیه و لا احراق معه.
[169]: النفخة نفختان: نفخة تطفى النار، و نفخة اخرى تشعلها. فوجود النفس من النفس الرحمانى و کذا هلاکها؛ و تحت هذا سرّ آخر. فعلم ان ما ورد فی لسان بعض اساطین الاقدمین ان النفس نار او شرار او شعلة لیس مجرد تمثیل او مجاز لفظى، و کذا الحال فیما ورد من صاحب شریعتنا.
[170]: اعتقادنا فی افاعیل العباد مفاد قوله تعالى: وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَ لکِنَّ اللَّهَ رَمى «3»، و قوله: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ یَشاءَ اللَّهُ «4». فاخمد ضرام او هامک ایها الجبرى، فالفعل ثابت لک بمباشرتک ایّاه. و سکّن جأشک «7» ایها القدرى، فان الفعل مسلوب عنک لان وجودک اذا قطع النظر عن ارتباطه و افتقاره الى وجود الحقّ فهو باطل، فکذا فعلک، اذ کل فعل یتقوم بفاعله؛ و انظرا بعین الاعتبار فی فعل الحواس کیف انمحت و اندرجت فی [ب- 28] ارادة النفس و تصورها، و اتلوا جمیعا قوله تعالى:
قاتِلُوهُمْ یُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَیْدِیکُمْ «5»، و تصالحا بقول الامام بالحق علیه السّلام: لا جبر و لا تفویض، بل أمر بین الأمرین «6».
[171]: الاعتقاد فی الکلام لیس ما یقوله الاشعرى من انه المعانى القائمة بذاته تعالى، و الّا لکان علما لا کلاما؛ و لا مجرد خلق الاصوات و الحروف الدالة على
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 328
المعانى، و الّا لکان کل کلام کلام اللّه؛ بل عبارة عن انشاء کلمات تامّات و انزال آیات محکمات و اخر متشابهات فی کسوة الالفاظ و العبارات؛ و الکلام قرآن بوجه و فرقان بوجه، و هما جمیعا غیر الکتاب، لانه من عالم الخلق و هما من عالم الامر، و الکتاب یدرکه کل احد «1»، و الکلام لا یَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ «2» من ادناس الطبیعة، و القرآن خلق النبى دون الکتاب.
[172]: البرهان العرشى على ان القوة الخیالیة جوهر مجرد عن البدن و عوارضه و سایر الاجسام الطبیعیة و عوارضها، بانها قوة تدرک الصور و الاشباح المثالیة التى هى غیر محسوسة بالفعل و لا قابلة للاشارة الحسیة، اى لیست من ذوات الاوضاع اصلا، و کل جسم و جسمانى فهو من ذوات الاوضاع بالذات او بالعرض، فلو کان الخیال قوة جسمانیة لکانت الصور القائمة بها من ذوات الاوضاع فى الجملة، و لیست کذلک؛ هذا خلف.
[173]: قد اشرنا الى حقیقة التناسخ بحسب الباطن، و مسخ البواطن قد کثر فى هذا الزمان کما ظهر المسخ فی الصور الظاهرة فی [الف- 29] بنى اسرائیل [بقوله]: وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِیرَ وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ «3»، لا بمعنى انتقال نفوسهم من ابدانهم الى ابدان مباینة، لان ذلک مستحیل بالبرهان، بل بان ینقلب القلوب، حوّل اللّه قلوبهم بما کسبت ایدیهم و جبلت «4» علیه نفوسهم بسبب مزاولة اعمال شهویة او غضبیة او شیطانیة قلوب البهایم و السباع و الشیاطین، و کان قوة نفوسهم بغلبة الملکات البهیمیة و السبعیة و الوهمیة اثّرت فی ابدانهم فصیّرها کابدان هذه الحیوانات الهالکة.
و قال بعض ائمة الکشف و الشهود: «انه لا بد فی آخر الزمان ان یظهر المسخ فى هذه الامة، و لکن فی الیهود منّا «5» لا فی المسلمین، فان الایمان یحفظهم لأجل نور
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 329
التوحید، فما یمسخ «1» من هذه الامة الّا یهودى او منافق» انتهى. اقول: یهود هذه الامة کل من جحد وجود الملائکة العقلیة، و انکر وجود عالم الغیب، و لم یخرج قدم ذهنه من عالم المحسوسات: مَنْ کانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَ مَلائِکَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِیلَ وَ مِیکالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْکافِرِینَ «2».
[تکملة]: و انما یظهر المسخ منهم خاصة لغایة تعلق نفوسهم بتلک الهیئات الخسیسة، حتى تصیر صور ذواتهم مبادى تلک الصفات الحاجبة لنفوسهم عن الارتقاء الى عالم الملکوت، فتؤثّر فی ابدانهم لما تقرر ان بدن کل شخص صورة ذاته، و ان ظاهر کل احد «3» عنوان «4» باطنه، و ان الخلق- بالضم- تؤثّر فی الخلق- بالفتح-.
[174]: الوحدة لیست عرضا من الاعراض اللاحقة، و وحدة [ب- 29] الجواهر کوجودها لیست زائدة على ذواتها فی الاعیان، بل انما زیادتها فی التصور. و العجب من الشیخ کیف ذهب علیه هذا المعنى، و اعجب منه انه قد صرّح فی المواضع بان الوحدة فی الجوهرىّ «5» المتصل عین متصلیته، و الاتصال بالمعنى الذى هو فصل الجسم لا شک انه جوهر عنده و سائر الحکماء من اتباع ارسطاطالیس.
فالحقّ ان الوحدة کالوجود من مقومات الوجود العینى لا من عوارضه، و اما اذا اخذت ماهیة ما من حیث هى هى فتکون الوحدة خارجة عنها لا حقة بها، و هذا بعینه حال الوجود، فهما واحد.
[175]: معنى قول الحکماء الهیولى موجودة، و الحرکة موجودة، و الاضافة موجودة فی الخارج، ان فی الاعیان اشیاء تصدق علیها حدود هذه الاشیاء، فالهیولى
مجموعه رسائل فلسفى صدر المتالهین، ص: 330
مثلا و ان کانت امرا عدمیا، لان معناه «1» قوة قبول اشخاص الجسم و صورها و اعراضها، لکنها موجودة فی الاعیان بمعنى ان فی الاعیان تتحقق اشیاء یصدق علیها هذا الحد، و کذا الاضافة موجودة بمعنى ان فی «2» الخارج امورا کثیرة یصدق علیها حد المضاف، و هو کون الشئ بحیث اذا عقل، عقل معه شىء آخر. و کذا معنى کون الحرکة موجودة فی الخارج، معناه ان حد الحرکة- و هو الخروج من القوة الى الفعل او کمال اول لما بالقوة من حیث هو بالقوة- یصدق على اشیاء کثیرة فی الخارج، لان فی الخارج اشیاء [الف- 30] کثیرة بصفة کذا، اى خارجة من القوة الى الفعل، و لها کمال اول من حیث کونها طالبة للکمال الثانى.
شاهرودی مباحث مربوط به تدریس اینجانب مانند سرفصل ها، عناوین پژوهشهای مربوط به درس، پژوهشهای دانشجویان در زمینه های فلسفه و عرفان و سایر دروس رشته فلسفه و حکمت اسلامی به منظور استفاده دانشجویان علاقمند ارائه خواهد شد |